يهدف برنامج الماجستير في المعلوماتية الحيوية إلى إعداد كادر مهني تكنولوجي قادر على تسخير وسائل المعلوماتية الحديثة وأدوات الذكاء الصنعي والتعلم العميق واستغلال البرمجيات المتاحة وثيقة الصلة في التنقيب عن البيانات الحيوية، الصغيرة أو الضخمة، المفيدة وتحليلها واستقرائها بغية الاستفادة منها في الاختبارات التشخيصية الطبية ودعم القرار العلاجي للمرضى وتصميم وابتكار أدوية جديدة وتطوير أساليب البحث العلمي الطبي والهندسي والزراعي المعتمد على استخدام التكنولوجيا الجزيئية المتقدمة.
إن المعلوماتية الحيوية هو علم هجين بين علوم البيولوجيا والتكنولوجيا الحيوية من جهة، وعلوم الحواسيب والبرمجيات من جهة أخرى. ويقدّم برنامج المعلوماتية الحيوية فرصةً هامة للراغبين من طلاب وخريجي الجامعات بتعلم وسائل هذا العلم الحديث والآخذ بالتطور السريع كماً وكيفاً، وفرصةً للتدرب على استخدام هذه الوسائل لاستقراء البيانات الحيوية المتوفرة على الشابكة أو المولَدة في المخابر البحثية عبر الانترنت، كما يعزز المهارات البحثية للدارسين وخاصة في مجال الدراسات الجزيئية المعتمدة على تحليل المادة الوراثية وكشف الطفرات وتصميم الأدوية الحيوية وتصنيف جميع أنواع الكائنات الحية ودراسة تطورها.
وفي العقدين الماضيين، تطورت وسائل المعلوماتية الحيوية بشكل كبير لتواكب الانفجار الهائل في حجم البيانات الحيوية المخزَّنة في الفضاء المعرفي الافتراضي، والناجم عن التطور السريع للتكنولوجيات المولدة لتلك البيانات. وخير مثال على ذلك نشر تسلسل الجينوم البشري والغني جداً بالمعلومات حول الجينات والطفرات والتعددات الشكلية وغيرها، وما تبع ذلك من حاجة ماسة إلى استقراء البيانات الجزيئية واستخدامها في تطوير أدوات تشخيصية للأمراض وفهم أفضل للآليات الجزيئية لها، وتصميم أدوية حديثة وتحليل الصور الحيوية، الأمر الذي ارتقى بأساليب التشخيص والعلاج والوقاية. وتعدّى استخدام وسائل المعلوماتية الحيوية إلى استنباط هجن حيوانية ونباتية جديدة ودراسة تآثراتها مع البيئة المحيطة.
من جهة أخرى، أتاح تراكم البيانات الحيوية الضخمة Big Bio-data على الشابكة المجال لجميع من يمتلكون مهارات المعلوماتية الحيوية لاستقراء تلك البيانات حتى بالنسبة للدول حيث توليد تلك البيانات فيها هو في حدّه الأصغري وبالتالي، باتت الحاجة ماسة إلى خلق كتلة حرجة من المعلوماتيين الحيويين Bioinformaticians، وإيجاد فرص عمل عديدة جداً في هذا المجال عالمياً وإقليمياً، علماً بأن هذه الحاجة هي في تصاعد غير مسبوق نظراً لتطور التكنولوجيا التي تختصر زمن التحليل وتوليد البيانات بشكل كبير جداً. على سبيل المثال، استغرقت سَلسَلة عينة واحدة من الجينوم البشري 13 سنة وكلّف العمل 3 مليارات دولار، واليوم تُمكِن سَلسَلة عينة مشابهة في غضون ثلاثة أيام وبكلفة تقارب ألف دولار فقط. كل ذلك سيفضي حتماً إلى أن العائق الأهم في تطور العلوم الطبية والحيوية هو ليس تكنولوجيا، بل يكمن العامل المحدِّد في عدد المؤهَّلين والمدرَّبين في مجال التكنولوجيا الحيوية الذين سيستقرئون تلك البيانات ويربطونها مع القرارين التشخيصي والعلاجي. خاصةً، وأن الوسائل والتطبيقات تتعدّى دراسة تركيب المادة الوراثية DNA نفسها إلى تحليل التعبير الجيني للمورثات ودراسة جزيئات الرنا RNA والبروتينات وغيرها من بيانات يمكن تحويلها ومعالجتها رقمياً.
ومما سبق كله، تبرز أهمية برنامج الماجستير في التكنولوجيا الحيوية محلياً في تخريج متدربين كفئ في هذا المجال، خاصة وأن هذا البرنامج غير موجود في أيّ من الجامعات الافتراضية، الحكومية أو الخاصة، وبذلك يعدّ البرنامج الحالي تأسيسيا لهذا العلم وتطبيقاته في عبر الانترنت. كما يتيح البرنامج تأهيل الكوادر التدريسية الضرورية لنشر ثقافة هذا العلم في الجامعات الافتراضية، وبما يلبي احتياجات القطاع الصحي في مخابر المشافي والمخابر الخاصة ومخابر الأبحاث في المؤسسات الأكاديمية والبحثية الدولية على حد سواء، ويحقق احتياجات المجتمعات.
وأخيراً، يمثّل التعليم الافتراضي بيئة حاضنة مناسبة وفرصة متميزة للتدرب على استخدام البرمجيات وثيقة الصلة، سواءً تلك المتاحة مجاناً على الشابكة، أو البرمجيات التي يمكن تخصيصها لاحقاً لطلاب البرنامج عبر البيئة التفاعلية في الجامعة.